الاثنين، 17 أغسطس 2020

تحليل جميع انماط الشخصية بصورة موضوعيه و مميزة



لا يعترف علم النفس البشري بوجود إنسان سوي أو كامل نفسيا أو سلوكيا، بل يتكلم فقط عن الإنسان المتوازن أو شبه العادي، الذي من الممكن أن تكون له أفكار أو ممارسات قد تبدو غير عادية أو غريبة في أعين الناس، دون أن يجعل منه ذلك إنسانا مريضا يحتاج إلى رعاية أو علاج خاصين، إلا عندما تصبح هذه الممارسات أو السلوكيات مفرطة في التعبير عن نفسها، و مؤذية لصاحبها و للبيئة المحيطة به : بمعنى خروجها عن السيطرة الذاتية، و عدم قدرة المجتمع على التأقلم معها.
أصناف الشخصية البشرية

إذن، أراهنك أن تحليل الشخصية التي تميزك – بمعنى مجموع الحالات النفسية و الوجودية و السلوكية المرتبطة بك – قد تنحو منحى إحدى الحالات النفسية العشرة المبينة أسفله، أو ربما مزيج بين اثنتين أو أكثر منها، لكن لا تخف، فأنت تبقى إنسانا عاديا... عفوا شبه عادي... 


  •  الشخصية القلقة 

الشخصية القلقة
هذه الشخصية تعتبر الحياة حبلى بمخاطر لا حصر لها، و بالتالي لا يجب التسرع في أخذ القرارات – أيا كان نوعها – إلا بعد تفكير و تمحيص للظروف و الملابسات على كافة الأوجه. هؤلاء الأشخاص يعانون من تضخم في نظام الإنذار و الرقابة الذاتية.
بالطبع، هذا الإحساس الدائم بعدم الأمان، يُبقي الشخصية القلقة المتأهبة تحت ضغط نفسي و جسدي دائم، خصوصا أن صاحبها يحاول – بشتى الطرق – السيطرة على البيئة المحيطة أو التأقلم معها، لدرء تلك الأخطار أو التنبؤ بها – و هذا أمر غير ممكن – و هو  واعي بذلك، الشيء الذي يزيد من توتره و تأهبه.

صاحب الشخصية القلقة متبصر للغاية و أمين في عمله، و هو ما يجعله محبوبا من طرف مشغليه، لكونه يعتبرا موظفا نموذجيا.

هذه الحالة النفسية ليست إلا تمظهرا خارجيا لقلق نفسي عميق و لا شعوري، يجب على صاحبه البحث في مسبباته للتخلص منها عبر تقنيات الاسترخاء الذهني و الجسدي. أما التطور المرضي للشخصية القلقة ، فيسمى : إﺿﻄﺮاب اﻟﻘﻠﻖ اﻟﻌﺎم.


  •  الشخصية الهستيرية 

الشخصية الهستيرية
هذه الحالة النفسية، الأكثر التصاقا بالنساء، لديها 
حاجة دائمة للظهور و إثارة الانتباه، و أن تبقى الأضواء مسلطة عليها باستمرار، عبر لجوئها إلى الإثارة (اللباس و الجسد مثلا) و التمسرحية الظاهرة بجلاء للعيان.

الأشخاص ذوو الشخصية الهيستيرية يتعاملون بطفولية زائدة مع المحيط الخارجي، مع أحاسيس و عواطف متقلبة يمكن أن تنتقل بسلاسة من السعادة و الضحك إلى التأثر و البكاء. خطابهم تغلب عليه العاطفة، و نظرتهم إلى الناس مزاجية :
فيرفعون البعض إلى رتبة القداسة و التمجيد، أو لا يعيرون اهتماما و لو بسيطا بالبعض الآخر.

تحت هذا المظهر اللامع الذي لا يمكن أن يبقيك غير مبالي، يختبئ شخص لديه إحساس بالدونية، و يسعى إلى الشعور بالطمأنينة و حب الآخرين، و يعتبر هذه الأخيرة نوعا من أنواع المساعدة. و قد تساعدها تقنيات الاسترخاء الذهني و الجسدي في التغلب على هذا الإحساس الضاغط.

هذه الشخصية "الطبيعية" يمكن أن تتحول إلى أنواع من الحالات المرضية النفسية التي يطلق عليها إسم الأمراض التحولية، حيث يصاب المريض بالعمى أو الشلل أو الغياب عن الوعي أو الآلام المتغيرة حدتها و مواضعها، دون أدنى وجود لخلل عضوي أو بيولوجي. 


  •  الشخصية الوسواسية 


      الشخصية الوسواسية

      تحليل الشخصية الوسواسية يبين أنها تبحث بإلحاح على المثالية في تفكيرها و أعمالها : 100 في المئة أو الفشل الذريع. و لديها إحساس مرهف للتفاصيل، و لا تقبل بسهولة بأعمال و اجتهادات الآخرين. كما أنها تشعر بالمسؤولية الشخصية عن محيطها و كل ما يدور حوله، و بالتالي فهي تحرص على تدبير شؤونه و الحفاظ على النظام فيه ؛ فإن لم تتمكن، ينتابها  شعور كبير بالذنب. و من تم فهي فريسة سهلة للشك، و يصبح اتخاذ القرار صعبا للغاية، مخافة ارتكاب خطأ شنيع.

      الشخصية الوسواسية شخصية باردة عاطفيا نسبيا، و تبدو صارمة زيادة عن اللزوم، عنيدة، و غير قادرة على التعبير عن مشاعرها الداخلية، خصوصا الحماسة. لكن لديها في المقابل انجذاب كبير إلى النظافة و النظام و الترتيب و التنسيق والجمع. لكن إذا زادت الأمور عن حدها انقلبت إلى مرض نفسي يدعى اضطراب الوسواس القهري.


      •  الشخصية الإكتئابية 

         

      الشخصية الاكتئابية
      تنظر الشخصية الاكتئابية بتشاؤم  و سلبية للأحداث و الأشياء. و ترى فيها – مثل الشخصية القلقة – مصدرا للارتياب و القلق، لكن ليسا خوفا منها، و لكن بسبب الإحباط. و بالتالي، فمزاجها يغلب عليه الحزن و القلق، دون قدرة على الإحساس بالسعادة ؛ كما ينتابها بكثرة شعور بتأنيب الضمير و الدونية. كل هذا يجعلها غير بارعة في التعبير عن
      مشاعرها أو المطالبة بحقوقها أو الدفاع عن آرائها، لأنها تنظر إلى ذلك على أنه أنانية منها، و لا يحق لها فعل ذلك.

      هؤلاء الأشخاص يتعبون كثيرا في حياتهم، و يقدسون العمل على حساب سعادتهم و رفاهيتهم. بالطبع، يمكن أن تتحول الأمور إلى اضطراب مرضي اكتئابي يستلزم العلاج و الرعاية الطبيتين.


      •  الشخصية الحدية 


      الشخصية الحديةتتميز هذه الشخصية بتقلباتها المزاجية العنيفة و الحادة، خصوصا الغضب الذي يخفي في ثناياه حالة من الاكتئاب و عدم الرضى. هي أيضا بحاجة باستمرار إلى الحنان و الحب و المساعدة، لكنها لا تطيق الحميمية و التقرب الوجداني منها.

      هذا التناقض في الأحاسيس و الرغبات، يجعلها تقوم بتغييرات جذرية في نمط عيشها و لباسها و علاقتها بالآخرين، و قد
      يصل بها الأمر إلى مرحلة من انسداد الأفق تفكر خلالها بالانتحار.

      •  الشخصية الاعتمادية   
      •  
      الشخصية الاعتمادية
      هذه الشخصية لا تملك أية قدرة على مراجعة الأحداث أو انتقاد الأشخاص، لأنها تجدهم دائما أكبر أو أحسن منها، و لا طاقة لها على مواجهتهم. و بالتالي تجد ضالتها في تتبع خطاهم و السير على منوالهم، و تتحين الفرصة للانضمام إليهم و مرافقتهم، حتى و إن كانوا لا يتوافقون مع نمط تفكيرها و عيشها، و هي بذلك مستعدة للتنازل و القبول بالشروط، و عدم المعارضة و المساعدة اللامشروطة : إنها شخصية خدومة.

      أكثر ما يؤرق هذه الشخصية هو أن تجد نفسها وحيدة، لأنها لا تستطيع أن تتخذ قرارات بنفسها، لنفسها أو لغيرها : لأن الآخر دائما هو أكثر أهلية لذلك : فتجدها تترك لشريكها في الحياة أو العمل أو... كل الصلاحيات لاتخاذ القرارات أو لبناء حياتها و مستقبلها، حتى و إن كان ذلك لا ينسجم مع أفكارها و رؤيتها للأشياء أو حتى مدمرا لها ؛ أما هي فلا يمكنها إلا تقتفي الخطوات و تمشي على المنوال.

      عندما تتطور الأمور إلى حالة مرضية، تصبح الشخصية الاعتمادية ارتهانية و كثيرة المتطلبات اتجاه الآخر الذي يصبح مضطهدا. كما أن حالة الارتباط الشديدة، قد يجعلها ترضى مثلا بشركاء حياة عنيفين و مستبدين، قد يسيئون معاملتها جسديا و نفسيا.

      •   الشخصية النرجسية  

         

      الشخصية النرجسيةهؤلاء الأشخاص معجبون كثيرا بأنفسهم، و يعتقدون أنهم أفضل من غيرهم. كما أنهم يبحثون دائما على الظهور و البقاء تحت الأضواء، و يحبون الإطراء و لا يستسيغون الانتقادات. لهم  أيضا اهتمام مفرط بالمظاهر الخارجية و الهندام و طريقة الكلام...

      لا يجد أصحاب الشخصية النرجسية غضاضة في التلاعب بمشاعر الآخرين، بحثا منهم عن الوصول لأهدافهم، باستخدامهم لتقنيات الإغراء و الثناء و الإِشْعَار بِالذَّنْبِ و الانتقاد...

      أما عندما يشعرون بأنهم لم يُبَوؤو المقام الذي يليق بهم، أو لم يُأخذ بأفكارهم أو لم يتم الذهاب في الاتجاه الذي يروه هم مناسبا، فهذا يولد لديهم الغضب و الكراهية : إنهم لا يتحملون غير أولئك الذين يشاركونهم أفكارهم ؛ و كم هي المتعة التي يحسون بها عندما يلتفون هؤلاء حولهم.

      هم جذابون للغاية، إذا كنت تشاهدهم عن بعد أو تتعامل معهم لأول مرة، لكن يظهر سريعا أنهم لا يطاقون، لكونهم يريدون أو يتطلعون دائما إلى المزيد.

      •  الشخصية الشكاكة 

      الشخصية الارتيابية

      الحذر و انعدام الثقة هو ما يميز هذا الشخصية. أصحابها يميلون إلى تفسير كل شيء على أنه نتيجة لأفعال ضارة أو أفكار ضالة. كما يتميز هؤلاء بقوة الشخصية، بحيث لا يمكنك أن تقنعهم بعكس ما يؤمنون به بسهولة، كما أنهم لا يتنازلون عن ما قد يعتبرونه حقهم أو ملكهم حتى و لو وصل بهم الأمر إلى القيام بردود أفعال مفرطة، كما لا يتعبون في البحث على أدلة تزكي شكوكهم و أفكارهم.

      إنهم أناس جد غيورين،  لا يملكون أي حس للفكاهة، بل و قد لا يُظهرون أية مشاعر إيجابية اتجاه الآخرين.

      قد تصاب الشخصية الارتيابية بجنون الاضطهاد إذا زادت الأمور عن حدها.

      •  الشخصية الفصامية  

         

      الشخصية الفصامية

      يظهر تحليل الشخصية الفصامية على أنها شخصية متحفظة للغاية، إلى درجة أنك تحس بأنك تزعجها إذا تكلمت معها، و يرجع الأمر إلى كونها هي أيضا تجد صعوبة في التواصل و التعبير، و هذا ما يجعلها تفضل الانعزال و التقوقع.

      الشخصية الفصامية لا تعير اهتماما للرأي الآخر، سواء كان انتقادا أو إطراءا، فهما سيان عندها. إنها تبدو لا مبالية و غامضة.

      ربع مرضى الفصام تكون شخصيتهم فصامية.


      •  الشخصية  السيكوباتية 

         

      الشخصية السيكوباتيةهذه الأخيرة تتميز بعدم احترامها أو اكتراثها بالأخلاق و المعايير و القوانين التي تُسيِّر أو تنظم حياة الأفراد و المجتمعات. إنها شخصية مزاجية و مندفعة و جريئة، لا تفكر في النتائج، بل تفضل الانتقال مباشرة إلى الفعل، مكان التريث و التفكير. كما أن تأنيب الضمير لا يعني لها شيئا.

      في المقابل، أصحاب هذه الشخصية يحبون المغامرة، و إذا لم يدخلوا إلى عالم الجريمة من أوسع أبوابه، فقد ينجحون في حياتهم بتألق.


      نُذكِّر في الأخير، أن تحليل الشخصية البشرية بالطريقة أعلاها يبقى مبسطا نسبيا لأن الطبيعة النفسية الإنسانية غنية و معقدة، بحيث يمكننا أن نجد أناسا لديهم شخصية مركبة : نرجسية / هستيرية – وسواسية / اكتئابيه – عصبية / اتكالية...، كما أن حدة أو نسبة ظهور الأعراض المميزة مختلفة من شخص لآخر، و بالتالي ليس من المرجح أن تعثر على حالتين نفسيتين متشابهتين تماما.

      أيضا، هذه الحالات التي تعتبر طبيعية – إذا لم تكن مفرطة في تمظهرها – هي أساس التبادل القيمي بين الأفراد، ليُكمِّل أو ينافس أو يغني أو حتى يدمر بعضهم البعض.